أسس الأشراف الكثير من الدول والممالك والإمارات في كل أنحاء العالم الإسلامي
من الهند إلى مراكش ،سنتطرق لمعظمها من أطولها عمرا إلى التي لم تدم إلا بضع سنين .
أولا : عكس ما يعتقده كثير من الناس فإن مصطلح الأشراف قديم جدا في تاريخ العرب
ولم يكن خاصا بآل البيت أو القرشيين فقط فقد كان العرب يطلقونه قبل الإسلام وحتى في القرون 3 الأولى لما بعد ظهور الإسلام على شيوخ وأمراء القبائل العربية في الجاهلية فيقال لهم سادات أشراف العرب (السيد الشريف العربي : أي زعماء قبائلهم أيا كان نسبها ) أما حديثا فلحقه بعض التخصيص فيكاد يستعمل حصرا للدلالة إلى كل شخص ينحدر من نسل بني هاشم من قريش ويخصص أحيانا لنسل سيدنا علي كرم الله وجه وفاطمة الزهراء رضي الله عنها ، بنت النبي صلى الله عليه وسلم
أول تخصيص لهذا المصطلح على نسل علي وفاطمة دون غيرهم من بني هاشم ، لم يكن إلا في القرن الرابع الهجري وأول نص تاريخي ذكر هذا التخصيص هو نص للمؤرخ – ابن الأثير－ حيث قال :
«:(في سنة 369 قلد الشريف الرضي نقابة الطالبيين)
وقال أيضا: (في سنة 396 توفي الشريف أبو تمام محمد الزينبي)»
ويطلق اليوم على الأشراف عدة متغيرات : كالسادة في العراق والشام والسعودية ، الأئمة في اليمن ، الأشراف في شمال افريقيا وأحيانا قليلة المرابط(رغم أن هذا المصطلح ديني ليس خاصا بنسب معين) ، و يسمون بسابقة ( سيدي ) فلان … وأول من لقب بـ«السَّيِّد» من آل النبي صلى الله عليه وسلم هو －معاذ بن داود بن محمد بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب－ المؤرخة وفاته سنة (295هـ) في الشاهد الحجري الذي على قبره، ونُقِش على الحجر عبارة: «السَّيِّد الشَّرِيف معاذ بن داود»
كما أن بعض النسابة عَمَمَ المصطلح على كل قريش فعَدَ كل قرشي شريف،ولدى بعضهم ابن اخت القوم منهم ، فعدوا شريفا كل من أمه شريفة ، أي : شريف بالخؤولة ولو كان أبوه من العجم.
وقد كان هؤلاء الأشراف أشد وأكثر من طالب بالحكم في العالم الإسلامي لأسباب كثيرة ( عصبية دينية أو مذهبية ) أو حب للملك لنظرتهم أنهم أحق بالملك من غيرهم ، ظنا منهم أن الإمبراطورية الإسلامية ( الخلافة ) التي أسسها جدهم ( رسول الله ) هي من حقهم الشرعي ، فلعبوا دورا سياسيا كبيرا في الأحداث السياسية التي طرأت على العالم الإسلامي طيلة 1300 سنة فساهموا في إنشاء الممالك الجديدة وفي إسقاط الممالك القديمة ( بما فيها خروجهم وسفك دماء بعضهم البعض ) فكانت كل أسرة تدعوا الناس لبيعة دينية لها وقد تجد أحيانا أمراء من نفس الأسرة يتسببون في إسقاط دولة أسسها جدهم ( للصراع على من يخلفه ) … ما جعلهم أول المستهدفين من بعضهم ومن غيرهم من خصومهم السياسيين وطالتهم حملات إبادة جماعية أدت بمعظمهم للتهلكة ، دَوَنَ التاريخ بعضها ، وكُتب في ذالك الكثير من الكتب ككتاب ( مقاتل الطالبيين ) ونذكر منها الإبادة التي طالت بني أمية من قبل بني العباس و إبادة الأدارسة في المغرب وملاحقة السعديين لهم ، وإبادة بني الحسين من مكة وغيرها .
رغم ذلك عرفت عن بعض الأسر منهم أنهم استطاعوا تأسيس الكثير من الممالك والدول والإمارات في مختلف مناطق العالم الإسلامي من الهند و خراسان في أفغانستان مرورا بمكة واليمن و السودان و كردستان العراق و مصر و ليبيا و الجزائر إلى فاس بالمغرب كلها أراضي نشأت فيها ممالك ودول لهؤلاء الأشراف ( آل البيت ) رضي الله عنهم … وفيما يلي سنذكر أشهرها بالترتيب التنازلي لمدة بقاء تلك الدول ( عمر الدولة ).
بداية : تسمى دول الأشراف أحيانا ( بدول العلويين )
لأن أغلبيتها الساحقة تم تأسيسها من قبل نسل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
والذي ينقسم نسله إلى ( بني الحسن ) و ( بني الحسين)
1/ دول الأشراف في المشرق الإسلامي
—————————————–
1- مملكة الأئمة في اليمن : هي أطول مملكة للأشراف في تاريخ كل العالم الإسلامي ..
—————————-
دام عمرها قرابة من ألف وماائة عام ، تأسست في القرن الثالث الهجري سنة 284 هـ ،
ولم تسقط إلا بعد قيامة الجمهورية اليمنية سنة :1962 مـ الموافق لـ 1382 هـ
يسميها ابن خلدون ( دولة بني الحسن في اليمن ) بسبب أن مؤسسها (( الإمام يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي )) يعود في نسبه إلى سيدنا ( الحسن بن علي ) سبط النبي صلى الله عليه وسلم ، وتلقب بدولة الأئمية الزيدية .. لأن حكامها تبنوا المذهب الزيدي وهم من نشره في اليمن وهو مذهب ينسب لزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب _ كرم الله وجهه – الذي قام بثورة فاشلة ضد العباسيين لكن استمر نهجه وتحول فكره من فكر ثوري سياسي معارض إلى مذهب عقدي يسمى باسمه.
اشتهرت هذه الدولة باستمرارية حكمهم الطويل .. أحيانا شهدت أراضيهم تمدد كبير شمل كل اليمن ووصل إلى أطراف مكة والمدينة وفي الكثير من المرات كان حكمهم يقتصر على مدن صغيرة من شمال اليمن عندما كان خصومهم يغلبونهم على ما بقي من مملكتهم، إلا أن الحكم كان متعاقبا في نسلهم أبا عن جد فهي أطول أسرة حاكمة من الأشراف في العالم كله ، حكم هذه الدولة 68 حاكما ( لقبوا بالأئمة ) ينحدرون من نسل مؤسسها ، تعتبر أسرة آل حميد الدين ( المقيمة اليوم خارج اليمن) آخرة أسرة حاكمة منها ،
2/ الدولة العباسية :
———————
عكس دولة بني أمية ، فإن الدولة العباسية يعتبرها كثير من النسابة كدولة من دول الأشراف بسبب أن مؤسسها أول الخلفاء العباسيين أبو عباس عبد الله السفاح ينتسب لعم الرسول ص ( أي من آل البيت = من بني هاشم ) ، أسسها عام750 م وانتهت في بغداد عام 1258 م على يد المغول ثم عادت للظهور في القاهرة في مصر بعد أن فر بعضهم إليها عام1261 م في عهد السلطنة المملوكية التي قامت في مصر والشام وانتهت أخيرا عام 1519 م على يد الدولة العثمانية. دام حكم الخلافة ( الدولة العباسية ) 758 عاما ، تعتبر من حيث امتداد جغرافية الأراضي التي حكمتها: أكبر دولة هاشمية ( بني هاشم ) في التاريخ الإسلامي وثاني أكبر امبراطورية في كل العالم بعد ( امبراطورية المغول )
3/ إمارة آل مهنا في الحجاز ::
——————————–
تسمى أيضا ( بإمارة بني حسين في المدينة ) لأن مؤسسها الشريف عبيدالله بن طاهر يعتبر من نسل ( الحسين بن علي كرم الله وجه ) ، تأسست في المدينة المنورة عام 300 هـ تقريبا و استمرت في احفاده مستقله حتى عام 850 هـ ( دامت 550 سنة ) ، اشتد الصراع على الملك بين قسمين من ذريته: أسرة الهواشم نسبة إلى هاشم بن قاسم بن مهنا الأصغر، والجمامزة نسبة إلى الأمير جماز بن قاسم بن مهنا الأصغر، إلى أن انحصرت الإمارة في الجمامزة أخيرا ( التي تسمت عليهم في آخر عهدها ) … سقطت دولتهم على يد امارة منافسة لها وهي امارة مكة التي كانت تحت حكم أبناء عمهم آل الجون الأشراف الحسنيين . حكم آل مهنا المدينة المنورة 12 أميرا ثلاثه منهم توسعوا وضموا لأراضيهم حكم مكة المكرمة بالإضافة للكثير من أراضي نجد الغربية (وسط السعودية) إلى عاصمتهم المدينة المنورة في فترات مختلفة.
إمارة المنتفق في العراق :
——————————–
مملكها أسسها الشريف حسن بن مالك من نسل الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، وتعتبر أسرة السعدون هي الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق تسمت نسبة لقبيلة المنتفق العربية التي ناصرت هذه الأسرة الشريفة في تأسيس مملكة ( في وسط وجنوب العراق) من عام 1530 م وإلى عام 1918 م، دام حكمهم : 388 عاما ، وقد سقط حكم أسرة السعدون ودولتهم (مملكة المنتفق) في الحرب العالمية الأولى (بعد عدة سنوات من القتال ضد بريطانيا العظمى وحلفائها).
إمارة بهدينان في كردستان :
——————————–
إمارة عباسية قامت في كردستان في وسط أكراد شمال العراق عام 1367 م على يد الملك بهاء الدين العباسي أحد أحفاد الخليفة المستعصم بالله وسقطت على يد إمارة سوران المجاورة لها في عام 1834. دام حكمهم لشمال العراق 467 عاما
إمارة بستك العباسية في غرب إيران :
——————————–————-
تأسست عام 1673 على يد الأمير عبد القادر بن الحسن أحد أحفاد الخليفة العباسي هارون الرشيد. شملت منطقة الأهواز ( عربستان ) غرب إيران وضفاف الخليج العربي على الجانب الإيراني من الخليج. توالى على حكمها أحد عشر أميرًا حتى قضى عليها شاه إيران محمد رضا بهلوي عام 1967. استمرت 294 عاما .
مملكة بهاولبور في الهند وباكستان :
—————————————
تأسست على يد الأمير محمد المبارك خان الأول من نسل العباسيين ، استمرت لـ 245 سنة ، قامت في بلاد السند ( شمال الهند ومعظم جنوب شرق باكستان ) عام 1702 وكانت في حرب مستمرة مع دولة ( مغول الهند ) و في أعقاب استقلال الهند عام 1947 وتقسيمها إلى دولتين هما الهند وباكستان اختار آخر ملوك هذه المملكة العباسيين في بهاولبور الانضمام طوعًا إلى باكستان في 5 أكتوبر 1947. بحكم أن الكثير من أراضيه كانت تابعة للنطاق الباكستاني ( مدينة كراتشي أكبر مدن باكستان حاليا) كانت واحدة من أهم مدن هذه المملكة العباسية في وسط آسيا.
إمارة الجعليين في السودان:
———————————
نسبة لمؤسسها ( الأمير إبراهيم جعل بن إدريس بن قيس ) العباسي ، قامت في شمال السودان المعاصر وينتسبون مباشرة إلى العباس بن عبد المطلب عم الرسول ص ، وليسوا من من ذرية أحد الخلفاء العباسيين ، تأسست عام 1588 م ، على يد الأمير ( سعيد أبو دبوس) وسقطت سنة 1823م على يد الحاكم العثماني لمصر : محمد علي باشا أثناء فتحه للسودان . دام حكم الأشراف الجعليين للسودان 235 عاما.
2/ دول الأشراف في المغرب الإسلامي (شمال افريقيا)
—————————————————-
المملكة العلوية في المغرب :
——————————–
يخلطها الكثيرون مع دولة الأدارسة بينما العلويون في المغرب يختلفون عن الأدارسة ( هم بنو عمومة ) ، وكلاهما أسسا دولة في المغرب ، بدأت المملكة العلوية كإمارة أسسها الشريف بن علي من الأسرة العلوية عام 1041هـ ثم تحولت إلى سلطنة ثم مملكة فيما بعد ، واستقلت عن الحماية الفرنسية والأسبانية عام 1956م ، ومازالت موجودة لحد يومنا عمرها أكثر من 430 سنة يحكمها اليوم الملك محمد السادس بن الحسن.
الدولة الفاطمية في شمال افريقيا والشام والحجاز :
—————————————————
كانت دولة شيعية ( تبنت المذهب الاسماعيلي وهو نفس مذهب القرامطة ) وهي دولة أسسها عبيدالله المهدي عام 909 م شرق الجزائر ، بعد أن بايعته قبيلة كتامة الأمازيغية على الخلافة بسبب ما أشاعه فيهم عن نسبه الشريف ، فتبنت قبائل الامازيغ مذهبه الشيعي الاسماعيلي (نفس مذهب القرامطة) وناصروه في تأسيس دولته التي نقل عاصمتها أكثر من مرة واستقرت أخيرا في القاهرة في مصر ، قضى على هذه الدولة صلاح الدين الأيوبي عام 1171 م وأقام الدولة الأيوبية مكانها في مصر. ( يعتقد كثيرون أن صلاح الدين حرر فلسطين أولا من الصليبيين وهو غير صحيح بل خاض حروبا ضد الفاطميين الشيعة وأسقط حكمهم وبعد أن وحد مصر والشام توجه بعدها لتحرير القدس ) ، دام حكم العبيديين ( الفاطميين ) 260 عام وحكمت معظم شمال افريقيا والحجاز و سواحل الشام
دولة الأدارسة في المغرب :
—————————-
الأدَارِسَة هي سلالة من الأشراف حكمت المغرب، أسّسها إدريس بن عبد الله الملقب بإدريس الأول 788–793م) بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء، نجا بنفسه من المذبحة الرهيبة التي ارتكبها الجيش العباسي في موقعة فخ في مكة المكرمة، وكانت ثورة فاشلة لبني الحسن ضد الحكم العباسي أدت لمقتلة كبيرة سنة 786م توفى فيها الكثير منهم . فر إدريس إلى مدينة وليلي بالمغرب. تمت مبايعته هناك أميرا وإماما من قبيلة أوربة البربرية في المنطقة. وسع حدود مملكته حتى بلغ تلمسان (789م). ثم بدأ في بناء فاس. قام الخليفة العباسي هارون الرشيد بتدبير اغتياله سنة 793م. وبعد أن كبر إبنه إدريس الأول تولى الحكم بعده
دام حكم الأدارسة 198 عاما كانت لهم حروب ضد الدولة الفاطمية ثم الأموية في الأندلس وسقط حكمهم على يد ( المنصور بن أبي عامر ) الذي قتل أخر ملوكهم الحسن بن كنون بعد أن مال هذا الأخير للفاطميين ونقض بيعته للخلافة الأموية في الأندلس
ممالك بني سليمان في الجزائر :
——————————–
وكانت عبارة عن مملكتين أسستهما سلالة من الأشراف وهم عمومة الأدارسة ( ليسوا فرعا منهم ) سليمان هو أخو إدريس (مؤسس دولة الأدارسة ) بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنه ، حكمت في وسط وفي غرب الجزائر اتخذت لها عاصمتين ( مدينة حمزة = البويرة حاليا ) و في ( مدينة عين الحوت في تلمسان ) … دام حكمهم قرابة 200 عام ، موضوع مفصل عن ممالك بني سليمان الأشراف في الجزائر ( هنا)
سلالة السعديين ملوك المغرب
——————————–
حكموا المغرب مائة عام ونيف (961 – 1069هـ) / (1554–1659م)، دام حكمهم 105 سنين وهم سلالة من الأشراف ينتسبون إلى القاسم بن النفس الزكية نزح أجداد السعديين مطلع القرن الـ 14 م من الحجاز نحو منطقة وادي نهر درعة (جنوب المغرب) وعلى غرار بقية دول الأشراف فإن السعديون تبنوا الصوفية في نشر دعوتهم في جنوب المغرب. حيث استطاع مؤسسها ( مولاي محمد الشيخ ) القضاء على حكام المغرب الوطاسيين سنة 1554م ثم قادوا حركة المقاومة ضد الاحتلال البرتغالي لشواطئ المغرب ، ومن ثم استولوا على مراكش سنة 1525م ثم أغادير (أكادير) سنة 1541م بعد طرد البرتغاليين منها وأخيرا دخلوا فاسسنة 1549م. ثم خاضوا حروبا مع الدولة العثمانية و استولوا في بعض المرات على تلمسان الواقعة غرب الجزائر حاليا لكن لم يدم أمرهم طويلا غرب الجزائر فقد استطاع العثمانيون دحرهم لما بعد وجدة . أشهر ما يميز دولة الأشراف السعديون في المغرب هو استطاعتهمم تحرير المدن المغربية من الاحتلال البرتغالي خصوصا بعد انتصارهم على البرتغاليين في معركة وادي المخازن “القصر الكبير” سنة 985هـ / 1578م.
المملكة السنوسية في ليبيا :
——————————–
أسستها أسرة ( آل سنوسي ) من الأدارسة التي حكمت لييبيا بعد استقلالها من ايطاليا ، ولم يدم حكمهم أكثر من 14 سنة حتى أسقط حكمهم العقيد الراحل معمر القذافي في إنقلاب عسكري علي الملك محمد إدريس السنوسي
أـ عمر المختار الهـلالـي الجزائري
tribus Algeriennes 