عرش أولاد جلال سكان مدينة ملوزة (أم اللوزة): قبائل المسيلة – Melouza ouled djellal – M’sila

عرش أولاد جلال سكان مدينة ملوزة (أم اللوزة): قبائل المسيلة – Melouza ouled djellal – M’sila

عرش أولاد جلال (ملوزة):
بقلم: محمد صديقي

نورد بعض ما جاء عن عرش أولاد جلال – ملوزة في التقسيمات الإدارية الفرنسية لتكوين فكرة عامة عن العرش ومن ثم نحاول أن نوضح بعض الأمور فيما يخص أصول السكان:
جاء في الجريدة الرسمية الفرنسية لسنة 1881م ص 690-691 عند تأسيس البلدية المختلطة المسيلة: Bulletin officiel de l’Algérie et des colonies
أن كل من الخرابشة من قبيلة الدريعات وعرش ملوزة وعرش بني يلمان تحت تسمية واد القصوب (وليس أولاد القصوب) لأنه لدي مخطوط يذكر أن منطقة ونوغة التاريخية كانت تسمى بالقصوب وهي ليست سد القصب الحالي قرب المسيلة: صورة رقم 01 وصورة رقم 02.

 

وفي سنة 1892م وبناء على قانون مجلس الشيوخ: Sénatus consulte du 22/04/1863
صدر قرار تحديد الملكيات والأراضي بالجريدة الرسمية الفرنسية فيما يخص ملوزة وقرنت معها بني يلمان في نفس القرار في 17 ديسمبر سنة 1891م.
وفي الجريدة الرسمية الفرنسية لسنة 1896م جاء فيها إحصاء السكان حسب قانون الحالة المدنية لسنة 1882م للبلدية المختلطة المسيلة وقسم السكان في ملوزة لعدة فرق كالآتي. صورة رقم 03:
أولاد أحمد.
أولاد بوعبد الله.
أولاد سعيد.
أولاد مسلم.
أولاد حمودة.
المناصرية.
أولاد رحال-ملوزة.
أولاد بوراس.
خال الحاجب.
أولاد سيدي علي.
أولاد سيدي عيسى.
الزمالة.
31265491_2187707407912969_8409704913717690368_n
وكان قبل ذلك في سنة 1896م تم تحديد وتوزيع القبائل والدواوير منها دوار ملوزة والذي قرن بدوار بني يلمان في نفس قرار التعيين سنة 1894م:
جاء في الجرد أن سكان  ملوزة يسمون  أنفسهم (أولاد جلال) وسكان بني يلمان الاثنان من أصل بربري وهما فرعان مختلفان. وحسب الفرنسي صاحب هذا الكلام أنه نقله عن المؤرخ ابن خلدون في كون ملوزة من كونفدرالية كتامة وبني يلمان من كونفدرالية زناتة. ثم قال إن ملوزة استقطبت وامتصت العنصر العربي فاكتسبت اللغة العربية السائدة داخل العرش في بداية الاستعمار آنذاك في المقابل عرش بني يلمان حافظت على مميزات أصلها الأول وذكر أن اختلاف الأصل بقي مؤثرا حتى الآن: الصورة رقم 04 والصورة رقم 05.
31265491_2187707407912969_8409704913717690368_n
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n
لكن ما لاحظناه بالعودة للمصدر الأصلي لهذا الكلام أي لكتاب المؤرخ عبد الرحمان ابن خلدون “العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر” وجدنا أن كلام هذا الفرنسي عار تماما عن الصحة فابن خلدون لم يذكر بني يلمان وملوزة المسيلة إطلاقا. بل ذكر عروش بربرية قريبة لها في المسمى وهي  بني يلومي من بربر زناتة، وملوسة من بربر كتامة لكن كانا في حيزين جغرافيين يختلفان كلية عن المسيلة. مع العلم أن أول نسخة من “العبر” لابن خلدون رفعت لأبي العباس الحفصي سلطان تونس في شهر رمضان سنة 780هجرية.

ذكر عبد الرحمان ابن خلدون عن بني يلومي التالي: “الخبر عن بني وامانوا وبني يلومي من الطبقة الأولى من زناتة…وبني يلومي بالعدوة الغربية منه بالجعبات والبطحاء وسيق وسيرات وجبل هوارة وبني راشد…”: أنظر الصورة رقم 06.
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n
فموطن بني يلومي مما ذكره ابن خلدون في العبر هو الغرب الجزائري قرب غليزان وما جاورها. وبني يلومي هؤلاء هم إخوة بني وامانو الذين موطنهم قرب وادي ميناس و وادي الشلف، وبني يلومي المذكورين عند ابن خلدون هم من جهة الغرب لبني وامانوا. ويلومي جد بني يلومي الذين ذكرهم ابن خلدون وفي كتب التاريخ هو عم مرين بن ماخوخ جد بني مرين حكام فاس فيلومي وماخوخ أخوان. وقد ذكر بني يلومي في عديد المرات من طرف ابن خلدون أشهرها أنه تنازلوا لبني عبد الوادي وبني توجين عن مناطقهم بالغرب الجزائري وذكر أن سيدهم أمير الناس هو وسيد بني عبد الوادي حمامة بن مطهر قد بايعا عبد المؤمن بن علي في جبل وهران.

أما ما ذكره عبد الرحمان ابن خلدون في العبر فهو عن ملوسة من كتامة قد ذكرها مرتين اثنتين ( لا عن ملوزة ونوغة التي لم يذكرها اطلاقا  ) :الأولى في تعديده لفروع قبيلة كتامة ومواطنها: ولم يذكر أبدا وجود فروع منها في منطقة ونوغة حينما قال: “وجيملة ومسالتة وبنو يناوة بن غرسن. وملوسة من إيان ولطاية واجانة وغسمان وأوياست وبنو تيطاسن بن غرسن. وملوسة من إيان غرسن بن غرسن. ومن ملوسة هؤلاء بنو زونداي أهل الجبل المطل على قسنطينة لهذا العهد”. فلعهد ابن خلدون بقيت فروع ملوسة بما يعرف الآن بجمعة بني زونداي قرب جيجل وجميع فروعها بقيت متجاورة في إقليم كتامة “الشمال القسنطيني الحالي”: أنظر الصورة رقم 07.
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n
الثانية في كلامه عن الفاطميين: قال ابن خلدون عن الأمير الأغلبي (  الأغالبة من قبيلة بني تميم العربية ) : “فجهز العساكر وعقد عليها لابنه أبي خوال وزحف تونس سنة تسع وثمانين فدوخ كتامة ثم صعد الى تازروت فلقيه أبو عبد الله الشيعي في جموعه ببلد ملوسة فهزمهم أبي خوال وفر الشيعي من قصر تازروت الى ايكجان”

معنى كلام ابن خلدون هنا أن أبو عبد الله لقي جيش الأغالبة حينما صعدوا الى تازروت ببلد ملوسة أي ملوسة قريبة جدا من تازروت ونعرف موقع تازروت الآن (على بعد 7 كلم شمال غرب مقر بلدية عين ملوك بجنوب ولاية ميلة): أنظر الصورة رقم 08.
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n

وبالتالي حينما يقول الجرد الفرنسي أن بني يلمان من بربر زناتة وملوزة من بربر كتامة نقلا عن ابن خلدون هو كلام عار عن الصحة ولم يقل به ابن خلدون أبدا. لذلك وجب إعادة النظر فيما كتب هؤلاء المؤرخون الفرنسيون من اسقاطات غير واقعية بالمرة لا تاريخيا ولا جغرافيا. كما أن فضلا عما سنأتي به أسفله في كون أنه لا الجغرافيا ولا التاريخ المدون وحوادثه يحتملان وجود بطنين واحد كتامي والآخر زناتي في وسط نفس الحيز الجغرافي والتاريخي لكنفدرالية ونوغة الصنهاجي ونحن نعلم ما كان بينهم (بين صنهاجة وزناتة) من حروب  في ثابت التواريخ القديمة والحديثة.

الأمر الآخر الذي أثار اللبس هو ما ذكره الدكتور موسى لقبال في كتابه “دور كتامة في تاريخ الدولة الفاطمية”، فحينما عدد فروع كتامة ذكر وجود منطقة بالمسيلة تحمل اسم ملوزة وربطها بحادثة الثورة التحريرية الشهيرة بهذا الاسم، أي أنه لا يعرف المنطقة، ثم أنه لم يأت بأدلة عن كلامه بل تكهن وفقط بل وزاد وذكر القاضي الملوسي المعروف لدى قبيلة كتامة ميلة، ونعرف كلنا أنه كان قاض في قسنطينة الحفصية لا في شمال غرب المسيلة: أنظر صورة رقم ج وصورة رقم 09-01 و09-02.

والدكتور موسى لقبال قد نقل هذا الأمر عن عبد الوهاب بن منصور من كتابه “قبائل المغرب” والذي ذكر الأمر من باب تشابه الأسماء لا غير وهو البعيد عن المنطقة. ثم أن لقبال نفسه نقل عن ابن خلدون والأخير لم يقل أبدا أن ملوزة المسيلة هي ملوسة كتامة أو فرع منها: أنظر صورة رقم 10.
26047437_2048242338526144_1312599305603930040_n
وحذا حذو لقبال الأستاذ بوزياني الدراجي في كتابه “القبائل الأمازيغية” والأخير من أقربائي وقد تناقشت وإياه في الأمر وهو قد نقل عن بن منصور ولقبال وفقط: أنظر صورتين رقم 11 وصورة رقم 12.

وبالعودة لكلام الدكتور موسى لقبال نراه في هذا الأمر قد فقد بوصلته مع كل احتراماتي لمجهوده الجبار في كتابته عن قبيلة كتامة وعلاقتها بالفاطميين. فلقبال نفسه قد بين في ثلاث مواضع موقع بلدة ملوسة قاطعا لسان الجميع حتى لسانه هو:

1/-قال إن موقع تازروت كفل للداعي الشيعي القرب من حواضر ميلة وسطيف ومن مضارب ملوسة أي تازروت قريبة من ملوسة: “وقد كفل موقع تازروت غير المنعزل للداعي ميزة القرب من حواضر كتامة مثل ميلة وحصن سطيف ومن مضارب قبائل هذه الناحية هي مسالتة ولوزة ولهيصة وملوسة ولطانة…”. أنظر صورة رقم 13.
26047437_2048242338526144_1312599305603930040_n
2/-بعد معركة ملوسة ذكر لقبال أن سير المعركة في مضارب ملوسة حثه على أن يفارق قاعدته تازروت: “… غير أن كفة الأحوال رجحت هذه المرة ربما بسبب تأييد فرع ملوزة وانهزام رجال الدعوة إثر معركتين ضاريتين انسحب الداعي بعد الأخيرة منهما إلى تازروت…”: أنظر صورة رقم 14.
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n
3/-الحجة الثالثة وبكلام موسى لقبال نفسه لا جدال ولا نقاش فيها: الأغلبي رجع إلى كتامة وتحديدا الى ايكجان عبر طريق باغاية (مدينة في جبل أوراس موطن قبيلة هوارة التي منها الآن اللمامشة وليس النمامشة) -سطيف وتوقف عند مضارب ملوسة بين سطيف وايكجان وبين سطيف وايكجان ماذا يوجد غير ملوسة الكتامية لا ملوزة المسيلة: “ولما رجع الى كتامة عبر الطريق القديم باغاية-سطيف توقف عند مضارب قبيلة ملوسة وعسكر وقواته”. وهذا كلام موسى لقبال نفسه: أنظر صورة رقم 15.
31265491_2187707407912969_8409704913717690368_n.jpg
وتعضيدا للتاريخ وزيادة في الإفادة سننقل كلام عديد المؤرخين الذي أرخوا للدولة الفاطمية وتكلموا عن قبيلة كتامة الكبيرة ومواطنها. وقد جاء ملخص كلامهم:
“ذكروا بأن الأغالبة استرجعوا ميلة (كانت تشكل مركزا عربيا متقدما في بلاد كتامة وقد سقطت في يد الشيعي في شهر ذي القعدة سنة 289ه) ثم هزموا الفاطميين في بلدة ملوسة مما أضطر الفاطميين للاستنجاد بقلعتي تازروت (على بعد 7 كلم شمال غرب مقر بلدية عين ملوك بجنوب ولاية ميلة) وايكجان (الموجود في منطقة بني عزيز التابعة لدائرة بني بولاية سطيف وتحيط بايكجان مجموعة من الجبال هي جبل سيدي ميمون ، و جبل سيدي صالح ، وجبل بابور) ثم عاود العبيديون حربهم ضد الأغالبة في شهر رجب من سنة 290ه فتراجع الجيش الأغلبي من ميلة الى سطيف. فملوسة من جميع الحوادث أعلاه تقع بين ميلة والقلعتين السالفتي الذكر تازروت وايكجان. فجنود الأغالبة جاؤوا شرقا من الأرْبُس التونسية عاصمتهم فاسترجعت ميلة وزحفت فالتقت بهم في بلدة ملوسة ومنها تفرق الفاطميون غربا الى تازروت وايكجان”.

نجد أن الميلي مؤرخ الجزائر في كتابه “تاريخ الجزائر في القديم والحديث” ج2 ص135 قد ذكر: أن الأغالبة بعد فتحهم لسطيف ثم بلزمة قصدوا تازروت لكن الشيعي خرج لهم قرب بلدة ملوسة فهزموه فيها وقصدوا تازروت فهدموها وهو هرب وتحص بايكجان. فملوسة هنا تماما هي بين سطيف وتازروت التي في ميلة: أنظر صورة رقم 16.
26047437_2048242338526144_1312599305603930040_n
وقد عدد الميلي قبلها بطون كتامة ولم يقل بينها ملوزة المسيلة أو أي فرع في ونوغة رغم أنه من المتأخرين وقد حدد حتى المجال الجغرافي لكتامة من البحر بين بونة وبجاية شمالا وحتى جبل أوراس جنوبا: أنظر صورة رقم 17.
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n
وكان قد أرخ للفاطميين واحد من البربر وهو أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد الصنهاجي في كتابه “أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم” والأخير كان قريبا من زمن الفاطميين فقد عاش زمن الحماديين الصنهاجيين وهو بربري مثل الكتاميين: أنظر صورة رقم 18.
31265491_2187707407912969_8409704913717690368_n.jpg
وقد كتب مؤرخ آخر عن الفاطميين وهو ابن عذاري المراكشي في كتابه “البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب” ولم يذكر أبدا أن معركة ملوسة قرب ميلة هي نفسها معركة ملوزة في المسيلة.
ومن الأوائل الذين زاروا المنطقة وتكلموا عن حيزها الجغرافي الرحالة المشهور الادريسي في كتابه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” فقال: “وبقرب سطيف جبل يسمى ايكجان وبه قبائل كتامة وبه حصن حصين ومعقل منيع وكان قبل هذا من عمالة بني حماد ويتصل بطرفه من جهة الغرب جبل يسمى جلاوة وبينه وبين بجاية مرحلة ونصف وقبيلة كتامة تمتد عمارتها إلى أن تجاوز أرض القل وبونة”.
وممن أرخ للفاطميين تقي الدين المقريزي وهو تلميذ عبد الرحمان ابن خلدون في القاهرة وقد نقل عنه الكثير في كتاباته فقد ذكر في كتابه “اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا” جميع الحوادث التي صاحبت اقتحام الفاطميين لميلة ثم ذكر سير الجيش الأغلبي لها واسترجاعها ثم سار ناحية تاصروت (تازروت) وجرت معركة بالقرب منها انهزم فيها جيش الشيعة دون أن يسميها بملوسة فقط أشار لها وقال إن الأغلبي بعدها ملك تاصروت وأحرقها وأحرق مدينة ميلة وهرب الشيعي الى ايكجان كل هذا يبين أن معركة ملوسة بالقرب من تازروت بميلة وهي غير بعيدة عنها: أنظر صورة رقم 19.
26047437_2048242338526144_1312599305603930040_n
كل هذا فضلا عما ذكره ابن أيبك الدوادارى في كتابه “كنز الدرر وجامع الغرر” (الدرة المضية في أخبار الدولة الفاطمية) أو القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي في كتابه “شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار” الذي أشار أيضا الى أن ملوسة، من القبائل الكتامية المحاذية لمجالات دنهاجة وإجانة ولطاية وجيملة ولهيصة، وكانت مما يلي مسالتة باتجاه تازروت.

وقد سبق الجميع وحتى ابن خلدون نفسه مؤرخ كتب سنة 712 هجري كتابه “مفاخر البربر” وقيل إن مؤلفه هو عبد الحليم الٳيلاني وقيل غير ذلك ولكنه لم يذكر أبدا تواجد فرع من ملوسة كتامة في إقليم المسيلة. ولا فخر لنا في هذا ولكن نحن من الأوائل ممن نبه لهذا الكتاب ومحتواه ومن الخطأ الفادح استعمال هذا الكتاب كحجة لتشابه الاسماء بين ملوسة وملوزة للتدليل على أن ملوزة ونوغة فرع كتامي.

عودة لأمر آخر وهو الذي تعلق بونوغة. فقد ذكر لقبال نفسه تحديدا أراضي كتامة دون أن يكون الشمال الغربي للمسيلة بداخلها: “ثم جبال الحضنة الشرقية حدودها ينتهي عندها امتداد منطقة كتامة… قالمة وسوق أهراس وسطيف وايكجان وميلة وقسنطينة الهواء”. أنظر صورة رقم 20.
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n
كما أن لقبال نفسه قد ذكر أن منطقة الشمال الغربي للمسيلة وشرق سور الغزلان هي جبال ونوغة ونحن نعرف تاريخيا أن الإقليم الممتد من الدريعات وحتى سور الغزلان هي ونوغة التاريخية بل وقال إن ونوغة من بقايا صنهاجة في المنطقة. قد يتساءل البعض عن ونوغة يسر لكن الأخيرة من الأولى وهي منتقلة فقط وبقيت في حيز صنهاجة حينما امتزجت مع بني مكلا. بل واستدل لقبال بأبي مهدي عيسى الونوغي وهو صاحب شرح المدونة والتي أكملها بعد وفاته محمد بن أبي القاسم المشدالي. وأبو مهدي عيسى الونوغي حج سنة 803ه وتوفي سنة 839 ه وهو من أصحاب ابن عرفة المالكي التونسي وهو من أولاد سيدي أعمر بن علي الونوغي دفين قرية واد الخميس قرب قرية أحفاد أولاد سيدي اعمر ببلدية حرازة التابعة تاريخيا لإقليم ونوغة: “ووانوغة من فروع وبقايا صنهاجة… واليهم ينسب بعض الفقهاء والعلماء وأهمهم الوانوغي شارح المدونة في الفقه المالكي. وتذكر بهذه القبيلة كتلة جبلية حول مدينة سور الغزلان تعرف بجبال وانوغة”: أنظر صورة رقم 21.
31265491_2187707407912969_8409704913717690368_n
ثم إن ابن خلدون كان قد ذكر قبل الدكتور لقبال بقرون خلت أن المنطقة من المسيلة وحتى أرض حمزة بالبويرة كانت حيزا جغرافيا طبيعيا لقبيلة أونوغة الصنهاجية.


وأما عن التسمية الأصلية لمدينة ملوزة بالمسيلة الحالية فقد وُجد لها ذكر في كتاب لويس رين عن ثورة المقراني سنة 1871 ذكر  الآتي : “أم اللوزة” وقال إنها تظهر في الخرائط  باسم “ملوزة” وذكر لي أحد الباحثين من المنطقة أن العين المقصودة هي أعلى واد غربي الحالي والرواية على الباحث الراوي.
« Le grand village d’Oum-el-Louza (1). Des Ouled-Djellal… »
(1) Ecrit à tort sur beaucoup des cartes Melouza.
أنظر الصورتين 22 و23.
26047437_2048242338526144_1312599305603930040_n26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n


بعد أن رأينا الخلط العجيب الذي تبناه بعضهم في اسقاط ملوزة (أم اللوزة ) على ملوسة الكتامية  بناءا على تشابه أسماء لا غير ، الأن سنتحدث عن  نسب عرش أولاد جلال: سكان أم اللوزة – ملوزة –

تذكر المصادر الفرنسية أن سكان ملوزة شمال المسيلة هم عرش أولاد جلال
وليسوا عرش يسمى ملوسة ( بل ملوزة ) هي اسم جغرافي فقط للمدينة التي يسكن فيها هذا العرش
26165308_2048242245192820_2138595570551758574_n

من خلال المقارنة والمقاربة التاريخية والجغرافية للمنطقة نجد أن عرشا من نفس الاسم ذوو جلال – أولاد جلال سكن المنطقة وقد ذكره ابن خلدون في العبر حينما أحصى قبائل عرب بني لطيف من الأثبج من بني هلال الذين استقروا من أرض الزاب ببسكرة والمطارفة بالمسيلة وحتى واد جنان أسفل ديرة بالبويرة.

فقد حدد مواطنهم ابن خلدون حينما قال: “وأما لطيف فهم بطون(قبائل) كثيرة منهم اليتامى وهم أولاد كسلان بن خليفة بن لطيف بني ذوي مطرف وذوي أبي الخليل وذوي جلال بن معافى. ومنهم اللقامنة أولاد لقمان بن خليفة بن لطيف: ومنهم أولاد جرير بن علوان بن محمد بن لقمان…”.

ونجد  بن خلدون في تاريخه ج6  ذكر أن دولة بني حماد( صنهاجة القلعة) قد أوطنوا حول عاصمتهم القلعة  قبائل الأثباج  الهلالية  وأهمها  (عياض-العاصم – مقدم- لطيف التي (منها اولاد جلال، المطارفة، أولاد حريز، العلاونة أولاد علوان ، الكسانة أولاد كسلان ) ..))
ومن خلال ما ذكره ابن خلدون عن قبائل الأثبج  خصوصا التي تنحدر من ذوي لطيف نجد قبائلهم منتشرة من أرض الزاب وحتى وطن بني يزيد بالبويرة الحالية ونجد في منطقتنا أربع قبائل مشهورة منهم مازالت في نفس الأراضي التي ذكرها ابن خلدون وتحمل نفس الأسماء وهي : المطارفة في حلف أولاد دراج قرب المسيلة وهم من بني مطرف . لقمان قرب حمام الضلعة الحالية. أولاد جلال في ملوزة  في حلف ونوغة. والكسانة وهم بني كسلان في بلديات برج اخريص ووادي البردي جنوب  البويرة الحالية.

ففي اقليم ونوغة نجد أولاد جلال والكسانة (أولاد كسلان) وهم إخوة عند ابن خلدون: راجع الصورتين رقم 24 و25.

31265491_2187707407912969_8409704913717690368_n
26047437_2048242338526144_1312599305603930040_n
حسب الموروث الشفوي :
أما عن الموروث الشفهي فسمعت العديد من كبار السن في عرش أولاد جلال بمدينة ملوزة  يتداولون قصة شهيرة لكيفية استيطان أجدادهم في المنطقة ونزوحهم من أولاد جلال بسكرة وهذا ما يضيف لنا قرينة للاستئناس بها . – ومعظمهم يقول : “نحن عرب يمانيون”
و- حسب أقوال شيوخ جيرانهم أولاد منصور: “أولاد جلال اللي راحوا للجبل يخطبوا قعدوا !!” ما يعني  أنهم طارئين على منطقة ونوغة

ما الفرق بين أولاد جلال التل(ونوغة) وأولاد جلال الصحراء بسكرة
1- أولاد جلال(ونوغة): هم من القبائل التي جلبتها الدولة الحمادية وأقطعتها  أراضيها الصنهاجية وجعلتها كمخزن لها حيث وفد تحالف الأثباج عبر التلول من تبسة فتلول قسنطينة فسطيف فشمال الحضنة

2- أولاد جلال الجنوب(بسكرة): هم قلة قليلة داخل مدينتهم التي تحمل اسمهم  التي يغلب على سكانها اليوم عروش طارئة
:
– من أولاد رحمة: وهم اغلبية المدينة ( من عياض من اثباج بني هلال)
– آخرون من أولاد زيان: (من زغبة الهلالية)
– وآخرون من أولاد شكر وأولاد فارس: (من قرة من العمور الهلالية)
– وآخرون من أولاد ساسي: (من زغبة الهلالية)

والنتيجة أن تحالف الدولة الحمادية مع قبائل الأثابج لتعزيز قوتها وحماية ثغورها و تمكين جباية الضرائب  جعلهم ينتقلون للشمال

أما بالعودة لأصول السكان في عرش أولاد جلال هم ثلاث أصناف:
1/- بربر مستعربة من بقايا قبيلة ونوغة الصنهاجية. اخوة بجاية وعجيسة عند ابن خلدون
2/- أولاد جلال ملوزة (أم لوزة) : قبيلة عربية من أثبج بني هلال وهم أكبر عرش فيها من ذوو جلال.
3/-عرب أشراف من مختلف الأصول الإدريسية مثل أولاد الشريف إبراهيم بن إبراهيم الصيعاني جد عائلات مشيكي ومصطفاي وعبد المالك وغيرها. وكذا أولاد سيدي علي بن زكري الذين ترجع أصولهم لبني يلمان المجاورين لهم. وكذا أولاد سيدي عيسى من أشراف سيدي عيسى بن أمحمد بوقبرين مثلما ذكر ذلك الرحالة محمد الحسين الورتيلاني في رحلته “نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار”: “وله قبران… وقبر في أطراف وانوغة أعني مسيلة”: أنظر صورة رقم 26.
مع فائق احتراماتي للجميع.
26047437_2048242338526144_1312599305603930040_n

رأيان على “عرش أولاد جلال سكان مدينة ملوزة (أم اللوزة): قبائل المسيلة – Melouza ouled djellal – M’sila

  1. أولا مشكور على التوضويح والفصل بين ملوسة وأم اللوزة.
    لكنك فصلت في العائلات التي ينتهي أصلها إلى الأشراف ولن تفصل في باقي العائلات من العرب (أولاد جلال) والبربر المستعربة

  2. حتى وانوغة التي اعتمدت عليها لا تعبر بالضرورة عن اصول سكان ملوزة لانها تمثل السلسلة الجبلية وليست العرق، فكما كانت ملوسة ليست ملوزة فوانوغة ليست ملوزة.

أضف تعليق